الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

دمرداشيات

دمرداشيات


علم ومنطق و أخلاق

Posted: 20 Nov 2012 12:08 PM PST


علم و منطق و أخلاق

أحد أقاربى أرسلته مؤسستة التى يعمل بها بعثة عمل إلى اليابان و بعد أن مضى شهر هناك عاد إلينا لنحمد الله على عودته سالماً غانماً محققاً كل ما طُلب منه من عمل و ذهبنا إليه لنتواصل تواصل الأقرباء و نجالسه لنشبع حنيننا إلى بعضنا البعض و نتحدث إليه و نطمأن عليه و على صحته و نسأله ماذا شد أنتباهك و رأيته فى اليابان تعتقد أنه سبب تقدم هذا البلد .
فقال : - لقد كنت فى الطائرة أثناء رحلة الذهاب إلى اليابان أسأل نفسى نفس السؤال و قررت أن أحصل على الأجابة من الواقع و أطلب من مدير العلاقات العامة الذى سيستقبلنى فى المطار أن أكون ضيفه فى بيته و أعيش حياتهم و عملهم كنموذج يمكننى أن أحصل منه على أجابة و عندما أستقبلنى مدير العلاقات العامة سألنى هل تريد الأقامة فى فندق أم شقة ؟ فوجدتها فرصة و
قالت : - أريد أن أعيش معك فى بيتك فأبتسم مرحباً و قال الأقامة عندى ستوفر لك بعض المال المرصود لأستضافتك و رحب و سعدت بأستجابته و رحت أتابع عملة فهو يعمل من الثامنة صباحاً و كذلك زوجتة و أبنته حتى الخامسة مساء بجد و أتقان و عند الخامسة نعود و عودتنا إلى البيت بعد العمل لا تستغرق أكثر من ربع ساعة مع طول المسافة بين البيت و العمل لسلاسة المرور  و الراحة فى وسائل المواصلات و بيته  لا تزيد مساحته عن 55 متر مربع عبارة عن غرفة و صالة كبيرة و دورة مياه و مطبخ صغيرين فى بناية فخمة لا تتأثر بالزلازل مع أرتفاعها الشاهق و الصالة هى غرفة المعيشة على الأرض فالأساس فرش أرض مريح و فى دولاب جانبى مراتب و أغطية و مخدات لا تظهر إلا وقت النوم  و سرعان ما تجهز زوجته و أبنته الطعام الذى غالباً ما تكون الأسماك فيه و نشرب الشاى الأخضر و عند السابعة و النصف يأتى رجل ليسلمه و زو جته و أبنته مكونات ساعات حائط و يستلم منهم ما جمعوه و يعطيهم الحساب و يبدأ عملهم المسائى فى المنزل من الثامنة حتى العاشرة مساء ثم يستعدوا للنوم عند الحادية عشر ثم الأستيقاظ فى السادسة صباحاً و الحفاظ على النظافة و الترتيب شئ روتينى مغروس فى سلوكياتهم و رأيت يوم الأجازة العجب العجاب فالأستيقاظ فى نفس موعيد أيام العمل و يحمل هو و زوجته و أبنته الدلو و المكنسة و الجاروف و فوط تنظيف و ينزل إلى الشارع و وجدت جميع سكان المنطقة من أول الشارع إلى أخر الشارع كذلك يفعلون  و الجميع يكنس و يمسح و يجمع أوراق الشجر المتساقط و ينظف الحوائط و المداخل  الرخامية و زجاج البوابات و كل منهم يعرف ما هو واجب عليه فعله و الحديث أو التوجيه أو الأدارة تكاد تكون معدومة أللهم إلا المزاح المرح و عندما صعدنا ليستحموا و يغيروا ملابسهم حتى نذهب للتسوق الأسبوعى سألته لماذا تنظفون أنتم أهل الحى و لا ينظف عمال النظافة فأننى أراهم يعملون بجد و أتقان طوال الأسبوع فكانت أجابته أننا جميعاً نعلم أن النظافة عائدها علينا جميعاً صحياً و نفسياً و جمالياً و هكذا تعلمنا فى بيوتنا و مدارسنا كما أن عامل النظافة الذى يقوم لنا بذلك من حقه أن يتمتع بيوم الأجازة كمنطق و أن نشعر نحن بقيمته فلا عمل له يوم الأجازة بل العمل لنا جميعاً فى هذه المهمة الرائعة و نزلنا إلى التسوق و عدنا إلى البيت ثم خرجنا ليكون طعامنا فى الخارج بالمطاعم و التنزه فى أرجاء المدينة و وجدت شعباً هادئ الطباع خلوق مهذب جعل كل أيام الشهر تمر كأنها ساعة نزهة أنقضت .
فلا تسألونى عن الفرق بيننا و بينهم فنحن لسنا هم و هم لم يكونوا نحن فالتعالى و التكبر و الهرجلة و البهتان و كثرة الكلام و قلة العمل الغير متقن من الأساس تجعل أيام حياتنا تضرب أخماس فى أسداس أما هم يتناولون كل شئ بعلم سليم و منطق حكيم و أخلاق رفيعة فأستحقوا ما هم فيه و نحن نستحق ما نحن فيه و لاتخدعنى و لاتخدع نفسك و تقول نهضتنا بدأت مع اليابان و هم سبقوا و تسستعجب لماذا !!! لأن الفرق كبير و البون شاسع فى نوعية الأنسان الذى يتعامل مع مفردات الحياة و اليوم و مؤمن بالنظام و النظافة و الأتقان و مهذب السلوك و الأخلاق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق